سوريا: نداء عاجل من المجتمع المدني إلى الاتحاد الأوروبي للتدخل
على مدى الاثني عشر يوماً الماضية، وُجِهت الاحتجاجات السلمية في سوريا بالعنف. فأُريقت دماء الكثيرين وتعرض آخرون للاعتقال, والضرب على أيدي قوات الأمن. ما دام هذا العنف مستمراً، فستتلاشى شرعية الحكومة السورية يوماً بعد يوم سواء في نظر الشعب السوري أو في عيون المجتمع الدولي على حد سواء.
إن الالتزام الذي أبدته الحكومة السورية بإدخال الإصلاحات أمر ضروري وموضع ترحيب. حتى الآن، وعلى الرغم من أن البعض يدعون إلى تغيير النظام، فإن غالبية السوريين على ما يبدو يريدون إعطاء الرئيس بشار الأسد فرصة للإصلاح. لذلك فهم يفضلون الانتقال الهادئ ذا المغزى عن الثورة المفاجئة والجذرية التي يلفها خطر تصاعد العنف. ومع ذلك، فإن فرصة الإصلاح سرعان ما ستتبخر طالما تواصل الحكومة السورية سفك دماء المتظاهرين السلميين. فسيفقد الرئيس شرعيته وفرصته لبدء الإصلاحات. ولذلك فإن من الضروري أن تلتزم الحكومة السورية بالإصلاح وأن تشرع في تنفيذ الإصلاحات الفعلية في غضون فترة زمنية قصيرة وواضحة.
وفي ضوء ذلك التعجل، تناشد منظمات المجتمع المدني الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بتكثيف جهوده الدبلوماسية لضمان إنهاء العنف وتنفيذ عملية إصلاح حقيقي في الوقت المناسب. إن إعلان الحكومة عن الإصلاح هو بداية هامة، إلا أنه يفتقر إلى جدول زمني ولا يحقق بعض المطالب المشروعة للمتظاهرين.
لذا فإن التدابير التالية، التي دعت إليها بالفعل مجموعة من أهم الناشطين والمفكرين والقيادات الدينية في سوريا، (انظر المرفق) تُعد ضرورية:
- الرفع الفوري لحالة الطوارئ،
- الإفراج الفوري عن جميع السجناء السياسيين،
- ضمان حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات في القانون والممارسة،
- إفساح المجال للتعددية السياسية والنظام السياسي الشامل من خلال الإصلاح الدستوري،
- تكثيف التدابير لمكافحة الفساد،
- المساواة في الحقوق للأقليات،
- ضرورة التعامل مع عدم المساواة بين الجنسين منذ بداية عملية الإصلاح وعدم تأجيلها.
علاوة على ذلك، فمن الضروري عدم انتهاك المزيد من حقوق الإنسان أثناء الاحتجاجات والتحقيق في الانتهاكات التي وقعت بالفعل:
- ينبغي عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين،
- يجب إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في أعمال العنف ضد المتظاهرين في مدينتي درعا والصنمين، على أن تتضمن اللجنة محامين من المجتمع المدني. ولابد من تقديم الجناة المسؤولين عن قتل المتظاهرين إلى محاكمة عادلة وشفافة،
- تُحظر الاعتقالات دون توجيه تهم أو إجراء محاكمات، وتُحظر حالات الاختفاء. فقد تم القبض على العشرات من المتظاهرين 0 والناشطين خلال الأيام الماضية، واختفى البعض الآخر،
- ضمان الحصول على وسائل الاتصال، مثل الإنترنت والهاتف النقال،
- ضمان وصول وسائل الإعلام المستقلة.
إن القرارات التي اتُخذت في سورية لإجراء الإصلاح هي خطوة هامة يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه دعمها. ففي رأينا، كان رد فعل الاتحاد الأوروبي ككل بطيئاً نوعا ما ومقتصراً على التصريحات خلال الانتفاضات الشعبية في العالم العربي. ولذلك فإننا ندعو الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه للعمل الاستباقي في حالة سوريا. إن المطالب المشروعة لحركة الاحتجاجات السورية يجب أن تتحقق ضمن جدول زمني واضح وسريع، كما أن جميع انتهاكات حقوق الإنسان يجب أن تتوقف. وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي ينبغي ألا ينتظر الجهات الفاعلة الأخرى، مثل جامعة الدول العربية، وإنما عليه أن يبادر بنشر ثقله الدبلوماسي على الفور فضلاً عن تقديم المساعدة. علاوة على ذلك، يتعين على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به تكثيف الجهود الدبلوماسية مع جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية في سوريا لمنع تدهور الاحتجاجات وتحول حالة انعدام الأمن إلى صراع عنيف. إن فرصة الإصلاح ما زالت قائمة اليوم، ولكن غداً ربما يكون الوقت قد بات متأخراً جداً.
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالجهات التالية:
الموقعون:
أسودا لمكافحة العنف ضد المرأة
الخط الأمامي
هيفوس
شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق
IKV باكس كريستي
الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران
العدالة لإيران
كفنا تل كفنا
جمعية مواطن الشرق الأوسط
جمعية مواطني الشرق الأوسط فرع باكستان
جمعية مواطنو المغرب
منظمة حرية المرأة في العراق
باكس كريستي الدولية
كرامة يوم إنهاء العنف
منظمة المرأة ضد الصور المشينة
في ظل قوانين المسلمين
لا يزال الالتماس مفتوحاً أمام المنظمات العاملة في سوريا والبلدان الأخرى في العالم العربي. إذا كانت مؤسستك ترغب في دعم الالتماس، يرجى الاتصال بالجهات المذكورة أعلاه.
بيان للشعب السوري
قام النظام في الآونة الأخيرة بتصعيد ممارساته القمعية ضد الشعب السوري وانتفاضته السلمية للشباب العطشى للحرية والعدالة والديمقراطية.
وبينما كان الشعب السوري ينتظر الإفراج عن جميع المعتقلين السوريين، والذي قامت من أجله الأسر باعتصام حضاري وسلمي وقانوني أمام وزارة الداخلية يوم الأربعاء الماضي 16/3/2011، للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم وإخوتهم وأزواجهم، فإن قوات الأمن من مختلف الفروع تصرفت بوحشية. فقد تحرشوا بالنساء والشباب والأطفال والكهول، وألقوا القبض على أكثر من 32 منهم، اتهموا مباشرةً بإضعاف الروح المعنوية للأمة.
يوم الجمعة 18/3 بعد صلاة الجمعة، تعرض الشباب المحتجون للقمع في الجامع الأموي الكبير في دمشق، في انتهاك لحرمة وقدسية المسجد، واعتُقلت عشرة منهم، علماً بأن السلطات الاستعمارية الفرنسية ولم تجرؤ على انتهاك المساجد!
وفي نفس اليوم قامت قوات الأمن بمجزرة رهيبة ضد سكان وشباب مدينة درعا، مما أسفر عن سفك دماء مواطنيها ومقتل أربعة من شبابها السلميين الداعين إلى المطالب السلمية والإصلاحات الحضارية، كما جُرح المئات واختُطف عدد منهم أيضاً.
استمرت الاحتجاجات في الأيام التالية، التي قتل النظام فيها شاباً آخر، كما قضى طفل نحبه نتيجة لاستنشاق الغازات السامة وامتلأ المسجد العمري بالمئات من الجرحى. واختطف النظام العشرات من الأطفال من مدينة درعا الشجاعة وألقى بهم في السجون. ولا يزال مصير الكثيرين منهم مجهولاً.
وبينما نسأل الرحمة للشهداء الطاهرين ونعزي أسرهم، فنحن نعتبرهم شهداء في رحاب الله، إذ رفعوا أصواتهم عالية بكلمة الحق أمام الحاكم الجائر.
إن ما قامت ولا تزال تقوم به قوات الأمن، من ملاحقة واعتقال للشباب في المدن السورية المختلفة، يتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان وهو مخالف للمبادئ الأساسية للمعاهدات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي وقعت عليها الحكومة السورية.
نحن نعتبر أن مطالب الشباب السلمية حقهم تحت مظلة الدستور والقانون العام، لذا فإننا نحذر النظام من التمادي في استخدام العنف ضد المواطنين المسالمين والشعب الأعزل، ونطلب من الدولة تشكيل لجنة قضائية مستقلة مؤلفة من بعض فقهاء المجتمع المدني وجماعات حقوق الإنسان، لكشف النقاب عن أولئك الذين سفكوا دماء المواطنين من مدينة درعا وإخضاعهم للإجراءات القضائية العادلة، حتى يلقون العقوبة التي يستحقونه.
ونحن نؤكد على ضرورة قيام النظام بتسريع الإصلاحات العاجلة واللازمة، والتي أولها هو رفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وتوفير الحريات العامة، مما يؤدي إلى التعددية السياسية ومكافحة الفساد الاقتصادي وفساد المعيشة، قبل فوات الأوان، وقبل أن يزيد الشباب من مطالبهم المشروعة إلى أعلى المستويات، ولن يكون بوسع أي من الإصلاحيين الوقوف أمام تطلعاته المشروعة.
نحن نريد فقط الإصلاح الذي يمكننا الحصول عليه. ألا هل قد بلغنا؟ اللهم فاشهد.
دمشق، 22/3/2011
هيثم المالح (محام)
الشيخ جودت سعيد
الشيخ معاذ الخطيب الحسني
غسان النجار دعد موسى (محام)
الدكتور محمد العمار
الدكتور ياسر العيطي