هباق عثمان - المراة في الريادة في اليمن

من خلال متابعتي لحظة بلحظة لجهاز التلفزيون والبلاك بيري والكمبيوتر المحمول وما يحدث خارج نوافذ منزلي، شاهدت السياسة العربية تعود إلى الحياة قبل أسابيع قليلة مضت. بوصفي شخصية كرست حياتها لتعزيز حقوق الإنسان للمرأة والمشاركة السياسية، ما زلت مبتهجة بالدور الذي تلعبه المرأة في الثورات المستمرة في أنحاء العالم العربي. تبدو وسائل الإعلام الغربية مندهشة من خروج النساء إلى الشوارع، وهن يرفعن أصواتهن للاحتجاج من أجل الديمقراطية ويسرن جنباً إلى جنب مع الرجال يريدون جميعاً الشيء نفسه – وهو الإصلاح السياسي والمساواة في الحقوق. ولكن لا داعي للدهشة.

بينما أكتب هذه السطور، تتجه كل الأنظار إلى اليمن. فقد أشار الرئيس علي عبد الله صالح، الذي ظل يحكم البلاد 32 عاماً، إلى الرغبة في الاستقالة بحلول نهاية 2011 أو قبل ذلك، لكنه فجأة تراجع عن هذا القرار، معلناً أنه لن يقدم المزيد من التنازلات لإنهاء الأزمة. هذه الخطوة لا يُرجح أن تسترضي الأعداد المتزايدة من المعارضين. فمع انضمام المزيد من الجنرالات والدبلوماسيين إلى معسكر المعارضة، فإن الأسئلة التي تطرح ذاتها هي: هل ستتبع اليمن المسار الذي اختارته مصر وتونس، حيث يتدخل الجيش لضمان الانتقال السريع للسلطة، أو ستصبح اليمن ليبيا آخر، حيث تنقسم النخبة إلى حرب أهلية؟

مع الأسف، ينظر الكثير من الخبراء وصناع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي إلى هذه الفرصة التاريخية في اليمن من خلال عدسة الإرهاب الضيقة. فهم يتحدثون علناً عن أن السيناريوهات المختلفة قد تؤثر على المصير قريب المدى للجماعات المتطرفة أو عما إذا كان هناك زعيم قوي قد يظهر على الساحة لضمان "الاستقرار" للحفاظ على مصالحهم في العاصمة اليمنية، صنعاء. وكلا النهجين قصير النظرة.

فبدلاً من إرسال المزيد من السلاح لمحاربة الإرهاب، يجب على الغرب وجيران اليمن من البلدان العربية التفكير في كيفية دعم اليمن في الانتقال إلى نظام ديمقراطي قوي ممثل تمثيلاً كاملاً. إن الديمقراطية الحقيقية في اليمن لا يمكن بناؤه بين عشية وضحاها، لكنها الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يبدأ في تخفيف من حدة اليأس الاقتصادي والشعور بالعجز السياسي والاستياء من التدخل الأجنبي الذي يولد الإرهاب وعدم الاستقرار. ويجب أن تكون المرأة جزءاً من هذا التحول.

إن لغز الديمقراطية يشتمل على العديد من القطع: جماعات المجتمع المدني وتحسين التعليم والفرص الاقتصادية. والمرأة تشكل 50 في المائة من هذا اللغز. رغم أن أصواتهن لم تكن صامتة أبداً، لكن الآن، وبعد طول انتظار، صارت مسموعة. وذلك ما تستحقه.
في يوم 8 مارس، يوم المرأة في اليمن، احتشدت المئات من المحتجات السلميات في صنعاء للمطالبة بالإطاحة بالرئيس صالح. كان الاحتجاج عملاً ينبض بالشجاعة وإن كان لم يكن وارداً حتى أسابيع قليلة مضت.

منى صفوان، إحدى المشاركات في المسيرة، نقلت مواقف العديد من المتظاهرات:

"إن النضال السلمي من خلال وسائل الإعلام والضغط من قبل منظمات حقوق الإنسان، والاعتصامات السلمية، كلها لم تؤتي ثمارها، وكذلك المطالب السلمية والنضال السلمي في هذا البلد. نحن الآن ننضم إلى النساء لأن الوسائل السلمية لم تفلح. فيجب أن تكون ثورة."
ولنتأمل أيضاً حالة توكل كرمان، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 32 عاماً، وقد سارت في طليعة الحركة للإطاحة بصالح. فبعد أن قضت بعض الفترات في السجون وتعرضت لمحاولة اغتيال العام الماضي، لم يزدها ذلك إلا عزماً أثناء جهودها لتنسيق الاعتصامات والمظاهرات التي تهز الساحة السياسية اليمنية، فيما لوَّح بعض المراقبين باسمها من بين من يمكن توليهم رئاسة الجمهورية
.
لكن على الرغم من التظاهر والمخاطرة والتعبئة والمعاناة والمشاركة في المسيرات والوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل في الثورات وحركات الاحتجاج في العصر الحديث، وجدت المرأة نفسها تاريخياً تُستبعد من كل من مواقع السلطة والفرص في أعقاب الثورات. على سبيل المثال، 8 في المائة فقط من النساء يتم تمثيلهن في أي نوع من خطط المصالحة. فصفحات التاريخ المؤسفة، من المكسيك إلى إيران وحتى أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، غالباً ما تُستبعد المرأة من عمليات صنع القرار في أعقاب الثورات، الأمر الذي يتفاقم في المعتاد نظراً لانخفاض معدلات المشاركة في الحكومة والجيش والأعمال.

حققت المرأة قفزات كبيرة في مجال السياسة العربية في السنوات الأخيرة. ففي 2005، ذكر الاتحاد البرلماني الدولي أن 6،5 في المائة من النواب في العالم العربي من النساء، مقارنةً بنسبة 3،5 في المائة في عام 2000. وفي تونس، أول دولة في الشرق الأوسط تصر على تغيير النظام في المنطقة، فإن ما يقرب من 23 في المائة من أعضاء البرلمان من النساء. فلا عجب أن وسائل الإعلام الآن تكرس الوقت للاستماع "إلينا". بعد أن شهدنا التاريخ تُسطر صفحاته في الأسابيع القليلة الماضية، علينا أن نواصل إنشاء مناطق للهدوء السياسي حيث نعمل على تنمية القيادات المحلية، وحيث يعمل كلا الجانبين من دون تدخل من سياسات الهوية. ولا يتجلى ذلك في الوقت الراهن أكثر من تجليه في اليمن.

في 2005، أسستُ كرامة، وهي شبكة من الجماعات في جميع أنحاء المنطقة العربية التي تعمل على إنهاء العنف ضد المرأة وتعزيز المشاركة السياسية لها. منحتني المنظمة، ذات الاسم المميز باللغة العربية، رؤية شديدة الوضوح لانتصارات المرأة العربية مثل توكل كرمان، وكذلك نظرة على سنوات وعقود من العمل الشاق لا تزال ماثلة أمامنا.

ينبغي علينا الاعتراف والاحتفاء بدور المرأة اليمنية في الحركة. فهن شعاع أمل للديمقراطية النابضة بالحياة التي قد توُلد في اليمن – إن سُمح لها. لكن السبيل الوحيد لتكريم نضال وتضحية هؤلاء البطلات هو الحرص على منحهن مقاعد متساوية على طاولة صنع القرار بعد خروج صالح من السلطة.

Previous
Previous

مبعوثات كرامة يراجعن امتثال الأردن لسيداو

Next
Next

كرامة في اي بي اس: المراة المصرية و الرجال كتفا الى كتف