أصوات من مصر
أطلقت كرامة مبادرة جديدة لنشر المقابلات مع النساء اللاتي شاركن في ثورة مصر. أولى المقابلات في هذه السلسلة كانت مع سمر سعد عبد الرحمن، وهي متدربة (23 عاماً) في منظمة كير الدولية في مصر. التقت بها كرامة في أعقاب الاستفتاء على المواد الدستورية الذي أُجري في مصر في 19 مارس.
كانت تجربة مفرحة ومحزنة في نفس الوقت. كان الأمل يملأني في أن يتمكن المصريون من تغيير مستقبلهم، لكنني وجدت نفسي في بعض الأحيان أضحك وأبكي في الوقت نفسه. كان الأمر أشبه بحلم يتحول إلى حقيقة. كانت تلك الأيام هي ما انتظرته أجيال طويلاً، ولقد كنت جزءاً منها.
أين كنت؟ كيف كان شعورك؟ كيف قررت ما إذا كانت ستشاركين أم لا؟
كنت هناك منذ اليوم الأول. بدأنا يوم 25 يناير كمجموعات صغيرة متفرقة في مناطق مختلفة في أنحاء القاهرة وسرنا متجهين إلى ميدان التحرير، يملأنا العزم على مقاومة قوات الأمن والوصول إلى الميدان. أمضينا اليوم في التحرير في انتظار هجوم قوات أمن الدولة، وكان ذلك بالضبط هو ما حدث. فقد استخدموا كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. أصابتني سبع طلقات مطاطية في ذلك اليوم، ولكن ذلك ما جعلني أصمم على العودة في اليوم التالي ثم اليوم الذي تلاه. لأول مرة شعرت بأنني يمكن أن أصنع التغيير الحقيقي ولأني كنت مسلحة بعزمي وتصميمي، فقد شعرت بأن حلمي يمكنه هزيمة أسلحتهم الواهنة. رغم أني لا أبلغ من العمر سوى 23 سنة، إلا أن المشاركة في الثورة كانت دعوة لابد من الاستجابة لها، وليس قراراً يُتخذ. شأني شأن الكثيرين، كنت أتحين اللحظة المناسبة للتخلص من ذاك النظام الفاسد.
كيف ترين دورك في ما يحدث بعد الثورة؟
بما أنني أعمل في مجال التنمية، أرى دوري في اتخاذ المبادرات التنموية والتركيز على رفع مستوى الوعي السياسي. يجب على إستراتيجيتنا وأساليبنا في التنمية أن تتغير كي تتخذ منعطفاً جديداً يتماشى مع روح ثورتنا وكي تكون أكثر فعالية. أنا لا أخطط للانضمام إلى أي حركات أو أحزاب، ولكنني أنوى اتباع ما أعتقد أنه سيقود إلى الديمقراطية.
ما رأيك في مشاركة المرأة في الأحداث الأولى والآن؟
كانت مشاركة المرأة مصدراً رئيسياً للسعادة التي شعرت بها أثناء الثورة. كنا جميعاً مصريين، وليس إناثاً وذكوراً. قاومت النساء قوات الأمن مثل الرجال تماماً. كنا نبيت هناك في الميدان ونتقاسم لحظات الفرح والحزن معاً. لم يكن هناك تحرش، وكان الناس يحترمون المرأة ويتعاملون معها على قدم المساواة. إنها ثورة الجيل الجديد المتفتح الذي يحترم بعضه بعضاً بغض النظر عن الجنس. أنا لا أدعي أننا تخلصنا من مشكلات المساواة بين الجنسين، لكني أقول إن هذا الجيل الذي شارك في الثورة يمكنه أيضاً مكافحة التقاليد العمياء وعدم المساواة بين الجنسين. إن الناس يفهمون الآن أن السلطة في يد كل شخص وأن المجتمع لا يفرقه التسلسل الهرمي.
ما هي توقعاتك ومخاوفك للفترة المقبلة؟
آمل أن تشارك الفئات المحرومة بقدر أكبر في صنع القرار، لكنني أقلق بشأن التغييرات في قيم ومعتقدات المجتمع. أنا متفائلة بشأن الزيادة في حرية التعبير ونمو دور وسائل الإعلام، لكنني أقلق بشأن نشوء فترة من الفوضى السياسية، حيث تظهر جماعات سياسية جديدة تتسابق إلى كرسي الحكم في مصر وتلجأ إلى استخدام الدين لإقناع الناس بمبادئها. آمل أن يتم التغلب على الأزمة الاقتصادية من خلال مجموعة منظمة من السياسات والتعاون الدولي.
كيف تقيمين ثورتنا حتى الآن؟ وما هي الجوانب الإيجابية والسلبية؟
أرى أن ثورتنا كانت فعلاً عفوياً وقع بشكل منظم جداً وسلمي. ومع ذلك، فلست راضية عن النتائج، لذا فأنا أُسمي ثورتنا انتفاضة ناقصة. فأنا لا أثق أو لا يعجبني أن يتحكم الجيش في مقاليد الأمور وأعتقد أن استخدام الدين في هذه المرحلة تحديداً يمكن أن يؤدي إلى حرب عرقية أو يقودنا إلى نظام إسلامي دكتاتوري. أشعر بالقلق إزاء الجهل السياسي الذي تنامى لدى المصريين على مر ثلاثين سنة من الدكتاتورية، وأن ذلك قد يتسبب في مشكلات في المستقبل لا يمكن إصلاحها عن طريق القيام بثورة.
هل كان هناك أي تغيير في مشاركتك السياسية؟ كيف ولماذا؟
أنا الآن أكثر حرصاً على الاستماع إلى كل المعلومات أو آخر الأخبار حتى أتمكن من تكوين صورة كاملة لما يحدث. ما زلت لا أؤمن بالأحزاب الحالية وأعتقد أنها ليست قوية بالقدر الكافي. ومع ذلك، أظن أنه يمكنني الانضمام إلى واحدة من حركات الشباب لأنها أكثر قبولاً للتنوع والمساءلة.
هل طرأ أي تغيير على حياتك الشخصية أو أنشطتك اليومية؟
اعتدت مشاهدة الأخبار والقراءة قبل الثورة، لكني الآن أكثر انغماساً في الأخبار المتلاحقة على الشبكات الاجتماعية على الإنترنت. كما أحرص أيضاً على حضور الجلسات والمناقشات السياسية بشكل أكبر.
شكراً جزيلاً لك يا سمر لاطلاعنا على خبراتك الخاصة.
الصورة مهداة من أجفا كوداك بموجب رخصة المشاع الإبداعي.