عن كرامة ماذا نفعل تأثير كرامة أخبار اتصل

شهد اليوم الخطوة الأولى نحو الإصلاحات الشاملة في الحكومة وفي سياسات مصر وذلك باستقالة الرئيس حسني مبارك، الذي حكم البلاد لمدة 30 عاماً بموجب قانون الطوارئ. وقد كانت مشاركة الشباب المتعلمين المثقفين الذين يتقنون التعامل مع الإنترنت هي من أهم عوامل استثارة هذه الحركة. وقد اًطلق عليهم اسم جيل الفيسبوك. ورغم أن قيم مواقع الشبكات الاجتماعية كانت محل خلاف، إلا أن دعوتهم الذكية عبر هذه المواقع لزملائهم من الشباب وغيرهم ممن اتبعوهم قد أسفرت عن الانتصار الأولي لهذه الحركة. وبينما يملأ الناس ميدان التحرير الليلة للمرة الأولى منذ أسبوعين ونصف الأسبوع للاحتفال بدلاً من الاحتجاج، نتأمل نحن قدرة الشعب على المطالبة بالتغيير وتحول الأنظمة وتبعات كل ذلك بالنسبة للمنطقة وجهودنا في كرامة.

لم يكن هناك من يستطيع التنبؤ بالشهر الماضي كما أنه لم يسبق له مثيل. فالتوترات التي كانت تختمر منذ سنوات بين الحكومات العتيدة وجبهات المعارضة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أتت ثمارها في شكل احتجاجات شعبية. فخرجت الحشود إلى الشارع للمطالبة بإصلاحات شاملة لمعالجة ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وكذلك الآثار الاقتصادية والاجتماعية والقانونية للحكم التعسفي الذي مارسته الأحزاب المتهمة بالفساد واكتناز السلطة. يُرجع الكثيرون شرارة هذه الانتفاضة التي تجتاح المنطقة إلى الوضع في تونس، حيث تسببت موجة عارمة من احتجاجات في الشوارع والتي يطلق عليها اسم ‘ثورة الياسمين’ في خلع الرئيس الاستبدادي للبلاد في شهر يناير بعد 23 عاماً من الحكم. وغادر الرئيس تونس يوم 14 يناير، إلا أن الاحتجاجات ضد الحزب الحاكم القديم استمرت حتى قامت الحكومة المؤقتة بعزل جميع وزراء حكومته تقريباً في نهاية الشهر.

وكان من شأن هذه الموجة من الاحتجاجات ضد النظام القمعي في تونس أن اشتعلت حالات مماثلة في اليمن، حيث خرجت عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في "يوم الغضب" بقيادة المعارضة، بعد يوم واحد من إعلان الرئيس علي عبد الله صالح نيته للتنحي في عام 2013؛ وفي الأردن ، حيث استمرت الاحتجاجات لمدة ثلاثة أسابيع وأسفرت عن استبعاد الملك للحكومة وتعيين رئيس وزراء جديد، وأخيرا في مصر، حيث تصاعدت الاحتجاجات المطالبة باستقالة الرئيس حسني مبارك أكثر فأكثر، حتى تحولت الأسبوع الماضي لتصبح مميتة.

واليوم، وعلى غرار شقيقتها تونس، تحتفل مصر بالانتصار الرائد. فبعد 30 عاماً من الحكم، تخلى حسني مبارك عن منصبه كرئيس للدولة وسلم سلطاته إلى الجيش. ورغم أننا لا زلنا غير متأكدين مما يعنيه ذلك، إلا أننا شاهدنا الجيش والشعب معاً على مدى الأسبوعين والنصف الماضيين على نحو يبين أن الجيش يدرك أن دوره هو أن يكون مع الناس. ونأمل أن يستمر هذا الموقف في هذه الفترة الانتقالية. ربما يتم التعجيل بالانتخابات، التي نأمل أن تثمر عن زعيم جديد منتخب ديمقراطياً يستطيع أن يبدأ في تنفيذ إصلاحات السياسات والإصلاحات القانونية التي يشعر الناس في ميدان التحرير وأولئك الذين يدعمونهم ويفهمون مطلبهم بحاجة ماسة إلى رؤيتها على أرض الواقع.

ولأننا منظمة إقليمية، فنحن نراقب كل بلد عن كثب. إن إرادة الشعوب قوية، إلا أن هناك الكثير من التعقيدات على الساحة، وسنوات من القرارات التي أدت إلى ظهور معارضة قوية ذات صوت مسموع. ويظل المشهد الإقليمي يتغير كل يوم، ولا يسعنا سوى أن نخمن كيف ستتكشف هذه الأحداث.

على مدى الأيام الثمانية عشر الماضية، تأثرت كرامة وموظفيها في مصر بشكل خاص من الأوضاع في القاهرة، حيث يقع مقر منظمتنا. فبينما كان الجميع آمنين في منازلهم، يتابعون عن كثب أحداث كل يوم يمر عبر نشرات الأخبار وينتظرون بفارغ الصبر إشارة واضحة على ما هو آت، كانت فترة متوترة للغاية ولا يمكن التنبؤ بها. لطالما كانت القاهرة مدينة آمنة وسلمية، مما جعل أعمال العنف والنهب والحرق المتعمد، التي وقعت وسط الاحتجاجات، صادمة أكثر من عداها من أحداث. ولكن أعادت نهاية هذا الأسبوع الثقة في الاحتجاجات السلمية والتحضر كأدوات أساسية يمكن استخدامها لتحقيق القوة والتقدم نحو النصر.
بدءاً من الجمعة 28 يناير، أغلقت كرامة مكتبها والتزم الموظفون منازلهم. كان ذلك هو أول أيام الاحتجاجات الكبرى، حين سمع الكثيرون منا وشهدوا الآلاف من المتظاهرين يتدافعون ليجتازوا سيارات الشرطة، ويعيدون قذف ما وصل إليهم من قنابل الغازات المسيلة للدموع وقنابل الصوت، ويتحركون في اتجاه ميدان التحرير بوسط المدينة. وكان أيضاً هو أول الأيام التي فقدنا فيها وسائل الاتصال الأساسية، بما في ذلك الإنترنت وخدمة الهاتف النقال. وسرعان ما أصبحت المنازل خانقة في غياب سبل اتصال الواحد منا بالآخر واتصالنا بالعالم الخارجي أيضاً، وأصبح التلفزيون مصدرناً الرئيسي للأخبار.

ليلاً، تشكلت "اللجان الشعبية" المؤقتة، والتي تألفت من الرجال المسلحين بكل ما يمكن العثور عليه من أدوات في كافة أحياء القاهرة لمنع مرور اللصوص أو غيرهم من المجرمين. وبحلول يوم الأحد، بدأت النفاثات المقاتلة تحلق فوق رؤوسنا على هيئة دوائر. وفُرض حظر التجوال في اليوم الأول ولا يزال مستمراً حتى هذه اللحظة. ونمت حشود المتظاهرين يوماً بعد يوم، وأوردت التقارير الآتية من ميدان التحرير لحظات الوحدة والمساواة بين الرجال والنساء، في صورة متحضرة نفخر بها.
في الأسبوع الماضي، وصلت مجموعة من مؤيدي مبارك إلى ساحة الميدان وسرعان ما وقع العنف. وأصيبت المئات في المعركة التي دارت وتراجعت وسائل الإعلام بعد تهديدات بالعنف. أما على مدى الأيام القليلة الماضية، بات الوضع أكثر هدوءاً بكثير، ولم تعد هناك تقارير أخرى عن وقوع العنف. وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، استعدنا أيضاً خدمة الإنترنت والهاتف المحمول بالكامل، وتمكنا مرة أخرى من الاتصال بالأصدقاء في أنحاء العالم وبالأسرة والزملاء.

في مطلع هذا الأسبوع، التقى المتظاهرون في ميدان التحرير بوائل غنيم ، الذي يعمل مديراً تنفيذياً في جوجل، والذي تحدث إلى الحشد بعد يوم واحد بعد إطلاق سراحه من الحجز الحكومي، حيث ظل معصوب العينين وسجيناً لمدة 12 يوماً حسبما ذكر. غنيم هو أحد الأشخاص الذين كانوا في عداد المفقودين على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية وكان له دور أساسي في حشد المصريين يوم 25 يناير. ولدى عودته إلى التحرير، شجع غنيم الناس على مواصلة المطالبة بالتغيير الحقيقي، بما في ذلك استقالة الرئيس، الذي وأخيرا قرر التنحي في ساعة مبكرة من هذا المساء. قرأ علينا الرسالة عمر سليمان، بعد أن تردد أن مبارك قد غادر القاهرة بالفعل.

وستروي الأسابيع القليلة القادمة قصة جديدة، إذ بدأت المرحلة الانتقالية في مصر بالفعل. نأمل أن نتمكن من فتح المكتب مرة أخرى هذا الأسبوع، ونتصور أن العديد من شركائنا سيفعلون الشيء نفسه. كانت هناك العديد من البرامج المقرر أن تُعقد في القاهرة خلال النصف الأول من فبراير والتي سنحدد لها مواعيد أخرى بالطبع حالما يحل بعض الاستقرار في مصر وتتضح معالم مستقبلها.

وإلى جانب اعتزازنا بقوة الشعب، نود أيضاً أن نثني على الجهود الجارية لشركائنا والعاملين في الأردن، الذين أطلقوا بنجاح مبادرة جديدة مشتركة في عمان خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات. ولملء الفراغ الناجم عن غياب الموظفين والشركاء في مصر، نجح الموظفون والشركاء في الأردن، بما في ذلك المجلس الوطني لشؤون الأسرة والمعهد السويدي في الإسكندرية، في إطلاق مجموعة بحثية عن المرأة العربية، والتي ستسعى للتأثير على السياسات الوطنية المتصلة بتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين في المنطقة العربية من خلال البحوث وتنمية الموارد في المقام الأول. على مدى ثلاثة أيام، قامت 33 من الأكاديميات وقائدات المنظمات النسائية غير الحكومية من 14 دولة بالمشاركة في عروض تقديمية حديثة حول وضع المرأة في البلدان المتضررة من الصراعات المسلحة، بما فيها العراق والأردن ولبنان وفلسطين والصومال والسودان واليمن. وسيكون تأثير الحرب على النساء محور مشروع متعدد السنوات يهدف إلى تطوير أدلة على آثار الصراع على تعليم المرأة، ووضعها الاقتصادي وصحتها وحياتها الاجتماعية والثقافية ومشاركتها السياسية وحقوقها القانونية.

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، اعتمدت مؤسِّسة كرامة حباق عثمان على منفذ بديل للاتصال لمواصلة دراسة ليس فقط الجانب الإخباري للوضع في مصر، ولكن أيضاً الزاوية المتعلقة بالجنسين. وتعلق حباق عثمان في أحدث مدوناتها على دور المرأة في أوقات الثورة وصور المساواة التي اتسمت بها الاحتجاجات. يمكن الاطلاع على هذه التعليقات وغيرها في مدونتها عبر العنوان التالي

http://elkarama.wordpress.com

حين تتضح الأوضاع بالنسبة لشركائنا في المنطقة وموظفينا وشركائنا في مصر، نأمل أن نطلعكم على أحدث خططنا. حتى ذلك
الحين، ندعوكم أن تظلوا على اتصال من خلال الموقع  والمدونة وتعليقات تويتر.

شكراً لدعمكم المتواصل،

فريق كرامة

الصورة مهداة من إحدى مستخدمات موقع فليكر (sierragoddess) بموجب رخصة الابتكار العام.

Previous
Previous

بيان خاص من هباق عثمان :الديمقراطية هي حقوق المرأة

Next
Next

خبر صحفي إطلاق هيئة فكرية للنساء العربيات