بيان صحفي: شركاء كرامة يقودون مهمة إلغاء قانون الجنسية الأردني التمييزي

في 21 مارس، وهو عيد الأم في الكثير من بلدان الشرق الأوسط، نجحت مبادرة أطلقتها كرامة بالتعاون مع منظمة المرأة العربية  في تمكين تسع نساء أردنيات من تقديم التماس للبرلمان حول آثار قوانين الجنسية التمييزية في البلاد على أسرهم.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يقف فيها البرلمان الأردني مباشرةً في مواجهة مع ضحايا قوانينه التمييزية.

زهرة حطاب (68 عاماً) والتي ظلت متزوجة من مصري لمدة 40 عاماً ولديها أربعة أبناء حُرموا جميعاً من الجنسية الأردنية، قالت في جلسة الاستماع ، "أنا لم أر ابني الأكبر منذ مدة ثماني سنوات لأنهم لم يسمحوا له بدخول البلاد مرة أخرى عندما ذهب إلى مصر لزيارة والده. أريد أن أرى ابني قبل أن أموت."

تم تحديد حجم هذه الآثار من خلال مسح رائد أجرته كرامة ومنظمة المرأة العربية لدراسة تأثير قانون الجنسية على النساء الأردنيات المتزوجات من أجانب. شملت الدراسة، وهي بعنوان ‘ماذا عن أولادي؟’ 191 امرأة أردنية حُرم أطفالهن وأزواجهن من الجنسية الأردنية بموجب قانون الجنسية بسبب زواج الأم من غير أردني.

وسيتم توزيع هذه الدراسة على الشركاء العالميين والناشطين من أجل بناء الوعي والضغط لإصلاح قوانين الجنسية السارية في المملكة الأردنية الهاشمية.

ففي غياب الجنسية الأردنية، يتعين على الأزواج الأجانب وأبناء النساء الأردنيات المتضررات من هذا القانون والبالغ عددهن 65 ألف سيدة، دفع رسوم عالية للحصول على تصاريح الإقامة السنوية، كما يحظر عليهم العمل والرعاية الصحية في المؤسسات الحكومية. ولا يُسمح لهم كذلك بأن يرثوا ممتلكات أمهاتهم الأردنيات، كما يواجهون صعوبة في الالتحاق بالمدارس أو الجامعات، والحصول على رخصة قيادة أو تصريح بالسفر أو فتح حساب مصرفي أو التسجيل للحصول على المساعدة الغذائية.

أكثر من 77 في المائة من عينة النساء التي شملتها الدراسة يعانين لتلبية الاحتياجات اليومية الأساسية، وتعيش 45 في المائة منهن على دخل شهري أقل من 150 دينار. تسهم الضغوط الاقتصادية على الأسرة والوضع القانوني غير المستقر في زيادة التوتر والعنف المنزلي والإهمال والبطالة وتدني الصحة والضعف من جراء الهجرة والمهانة اليومية.

ويتعين على أسر هؤلاء النساء التردد على مراكز الشرطة والمراكز الصحية في كل عام للحصول على التصاريح الأمنية وتصاريح الإقامة والتقارير الطبية لأطفالهم الأجانب. علقت إحدى النساء اللاتي شملهن الاستطلاع بقولها: "أولادي كانوا دائما تحت تهديد الطرد من المدارس لعدم الحصول على الوثائق اللازمة." مثال آخر ضمته مجموعة العينة هي امرأة قالت: "أنا لا أُعامل كإنسان عندما أجتاز الإجراءات الرسمية في وزارة الداخلية."

هذه العقبات تخلق عدم الاستقرار الاقتصادي واليأس داخل الأسرة، وغالباً ما تستلزم تولي النساء دور المعيل في الأسرة أو أن تكون هي وحدها المسؤولة عن الأبناء إذا اضطُر الزوج للعمل في بلدان أخرى. كما تتعرض هؤلاء الأمهات الأردنيات أيضاً لخطر فقدان أسرهن تماماً. ففي المسح أعربت أكثر من 62 في المائة من النساء عن خوفهن من أن يرحل أزواجهن فجأة بسبب العقبات التي يواجهونها للعيش في الأردن، كما أبدت 72 في المائة منهن خشيتهن من أن يصطحب الأزواج أبنائهن إلى بلدانهم الأصلية، ضد رغباتهن. فالقانون الأردني لا سلطة له على الأطفال الأجانب إلا أن يعاملهم باعتبارهم أجانب.

وقالت ليلى نفاع من منظمة المرأة العربية إن هذه الدورة الرائدة عُقدت للسماح لنواب البرلمان "بالاستماع بأنفسهم إلى مبلغ المعاناة والعذاب الذي تعيشه هذه الأسر. إن هدفنا هو الدعوة إلى تحقيق المساواة للمرأة والقضاء على جميع القوانين التي تميز ضد المرأة."

قالت النائب عبلة أبو علبة، التي ساعدت في تنظيم الحدث، إن مجلس النواب سيتعامل مع هذه المسألة "بمنتهى الجدية لأننا ندرك أثرها على الاستقرار الاجتماعي لهذه الأسر. ففي الدراسة، أعربت 65،96 في المائة من المشارِكات عن اعتقادهن بأن حرمان أبنائهن من الحصول على الجنسية الأردنية هو شكل من أشكال التمييز والعنف ضد النساء والأطفال معاً."

في حديثها أمام نواب البرلمان و100 امرأة يمثلن المنظمات غير الحكومية في كل محافظة، ذكَّرت آمنة حلوة من منظمة كرامة البرلمان بالحق الدستوري والطبيعي للمرأة في منح الجنسية لأبنائها:

"إن الكرامة لا تتجزأ؛ وكرامة المرأة هي كرامة الوطن. أليس صحيحاً أن المرأة هي الأرض... فهي البيئة الطبيعية... وخلايا أجسامنا نمت داخل رحمها. هذه أسئلة نطرحها أمامكم، يا نواب البرلمان، يا من لديكم القدرة على التشريع باسم المجتمع الذي انتخبكم، نساءً ورجالاً على حد سواء. أليست الأم هي المدرسة الأولى التي تعلمنا حب الوطن؟ فكيف إذن تستطيع أن تكون مدرستنا دون أن تكون جزءاً من الوطن؟ لذا دعونا نضم صوتنا إلى أصوات جميع النساء الأردنيات عندما يسألن: ‘ماذا عن أولادي؟’هذا هو السؤال الذي نطرحه عليكم. فهل من مجيب؟"

مسألة أخطر كشفت عنها الدراسة هي وجود نسبة عالية بشكل غير متوقع للأزواج والأطفال عديمي الجنسية في محافظة المفرق والتي تبلغ 27،5 في المائة من عينة الدراسة في المفرق. وهي عائلات تنتمي غالباً إلى قبائل البدو الرعاة على جانبي الحدود بين سوريا والأردن. بدون وثائق الجنسية، لا يمكنهم مغادرة الأردن وسورية أبداً، ومع ذلك فهم لا يتلقون أي مزايا أو حماية كمواطنين في أي من البلدين.

أوصت منظمة المرأة وكرامة بتعديل قانون الجنسية بحيث يضمن للمرأة الأردنية المساواة في الحق في منح جنسيتها لزوجها وأولادها تماماً كحق الرجل الأردني المتزوج من امرأة أجنبية. يستلزم ذلك رفع التحفظ على المادة 9 (حول الجنسية) في مصادقة الأردن على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ويتطلب أيضاً إصدار تصاريح إقامة مدتها خمس سنوات لأطفال النساء الأردنيات وأزواجهن من غير الأردنيين، على أساس تفضيلي على قدم المساواة على النحو المطبق على الأجنبيات المتزوجات من رجال أردنيين.

وقالت النائبة ريم بدران: "أعتقد أن منح الجنسية الأردنية لأطفالهن هو حق دستوري، وانتهاك هذا الحق يؤثر على النساء والرجال نظراً لتأثر كلا الطرفين، وبالتالي فإن الأسرة ككل تتأثر."

وقالت سلمى الربضي، العضو بالبرلمان، إن المشكلة لا تقتصر على حصول المرأة على حقوقها، ولكن تتعلق بالمطالبة بهذه الحقوق للأبناء والزوج: "وبهذا فإن حقوق المرأة ليست شخصية بحتة، لكنها تؤثر على المواطنين ومطالباتهم على نطاق واسع – إنها قضية مجتمع وأسر. وينبغي ألا يكون الواقع السياسي عائقاً أمام منح المرأة حقوقها."

تشير هذه الكلمات الواعدة ببعض التحرك بعيداً عن موقف الحكومة الأردنية الجامد لسنوات عديدة. في الماضي، وبدلاً من معالجة المشكلات المتعلقة بالخدمات والأمن والحماية القانونية للأزواج والأطفال، رصدت الحكومة القضايا السياسية الكامنة بوصفها تحديات تواجه الإصلاح. ذكرت دراسة أردنية أُجريت في عام 2003 حول حق المرأة في نقل جنسيتها أن موقف الحكومة الرسمي بشأن هذه القضية هو "انعكاس لسياسة الحكومة في رفض إخلاء الأراضي الفلسطينية وإقامة وطن بديل، استناداً إلى أن الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين معظمهن متزوجات من رجال فلسطينيين."

ومع ذلك، فإن من أبرز نتائج دراسة ‘ماذا عن الأطفال؟’ هو أن النسبة الأعلى من النساء في عينة الدراسة متزوجات من رجال مصريين، وتصل نسبتهن إلى 46،59 في المائة، ويليها الزواج من السوريين (14،4 ٪) والفلسطينيين (10،99٪)، ثم العراقيين (9،94٪) و13 جنسية أخرى تشكل العدد الباقي، مما يعكس دستور سوق العمل والطبيعة الديموغرافية للسكان في الأردن.
تعهد رئيس مجلس النواب فيصل الفايز بفتح حوار مع النواب والحكومة "في محاولة لإيجاد حل يكون مرضياً للجميع، وسأنقل أيضاً النتائج التي توصلنا إليها إلى جلالة الملك عبد الله".

وأضاف رئيس الوزراء السابق: "كذلك سنحاول أن نحث الحكومة على اتخاذ تدابير عاجلة لمساعدة بعض الحالات."
وسيتم توزيع هذه الدراسة على الشركاء العالميين والناشطين من أجل بناء الوعي والضغط لإصلاح قوانين الجنسية السارية في المملكة الأردنية الهاشمية.

What_About_My_Children_AR_

Previous
Previous

المرأة العربية والتغيير الاجتماعي

Next
Next

أصوات كرامة – مروة مرسي، مدير مالي