أصوات كرامة – مروة مرسي، مدير مالي
عمري 35 عاماً ولأول مرة أعترف بأنني أعشق تراب هذا البلد. أنا فخورة بكوني مصرية. قبل 25 يناير لم أكن أهتم أبداً بالقضايا السياسية في بلادي، لأني اعتدت رؤية للفساد ولم يكن بوسعي سوى التعليق سراً مع أصدقائي وعائلتي.
ولكن في 25 يناير، انتشر المتظاهرون في جميع أنحاء القاهرة ولقد التقيت بهم عن طريق الصدفة وأردت التقاط بعض الصور لهم. يوم الجمعة 28 يناير، كنت أشاهد المتظاهرين عندما بدأت الشرطة بإطلاق الرصاص المطاطي ورشهم بخراطيم المياه. شعرت بالخزي لأن الشرطة كانت توحي بأن هؤلاء الناس ليسوا بشراً وأنهم ليس من المفترض أن يُعاملوا باحترام وكرامة.
أحدثت تلك الليلة تغييراً كبيراً في حياتي. شاهدت من شرفة منزلي أشخاصاً يركبون الدراجات النارية، وينطلقون من كل مكان فينهبون كل المتاجر حول منزلي ويحرقون المباني – لم أشعر بهذا الهلع قط في حياتي. بدأت أبكي وأسأل نفسي: "لماذا يفعلون ذلك؟ أولا يحبون بلدهم أم أنهم بلغوا من الجوع ما جعل عقولهم تتوقف عن العمل؟" كانت الأسئلة تطاردني. قضيت أسوأ ليلة في حياتي ولكني تأثرت بشدة حين اجتمع كل جيران الحي على قلب رجل واحد ونزلوا إلى الشوارع لحراسة المباني والمتاجر لوقف عمليات السلب والنهب.
واستمرت حالة الفوضى ولكن في ميدان التحرير لم يكن هناك أثر للفوضى. كان أصدقائي وعائلتي يذهبون هناك كل يوم ويحدثونني عن مدى تحضر المتظاهرين وعن دور كل واحد منهم وأنه لم يكن هناك فرق ما إذا كنت فتى أم فتاة، رجل أم امرأة. ووصفوا لي كيف كانت روح المحتجين تنم عن إصرار وتحد عاليين جداً. كنت أتمنى لو سنحت له الفرصة للذهاب إلى ميدان التحرير لكن ظروف حملي فرضت علي البقاء في المنزل. على أية حال، كنت هناك بقلبي حيث تابعت كل لحظة وكل ثانية على شاشة التلفزيون وعلى الهاتف مع عائلتي الذين كانوا جميعاً هناك.
حملتني هذه الأيام على دراسة السياسة وجعلتني أحترم الكثير من العقول التي لا أستمع إليها في العادة، وجعلتني أشعر أن بلدي هي واحدة من أقوى البلدان في الشرق الأوسط إلى حد أن العالم كله كان يراقب عن كثب ما يجري على أرض الواقع.
من كل قلبي أشكر كل من كان هناك وأشكر الشباب الذين قضوا نحبهم ليس فقط من أجل الحرية ولكن كي يعيش كل المصريين باحترام وكرامة وحرية ويتمتعوا بكل الموارد التي حُرمنا منها من قبل.