حصاد كرامة في عام 2010
بينما نستقبل عاماً ميلادياً جديداً، يسعد كرامة أن تحتفي بإنجازات العام الماضي وأن تشارك الجميع فيما يحدوها من آمال تستطلع بها العام الجديد. وقف عام 2010 شاهداً على جهودنا في المناصرة والتي أتت ثمارها بدءاً من تنفيذ المبادرات المحلية التي مولتها كرامة إلى المشاورات الإقليمية والدولية التي تجمع الخبراء والناشطين وصناع التغيير بغية وضع إستراتيجيات وخطط طويلة الأجل تدعم حقوق المرأة. كما امتلأت صدورنا بالفخر والسعادة ونحن نراقب شبكتنا وهي آخذة في النمو والاتساع ونراقب شركاءنا إذ شرعوا يمسكون بزمام آليات المناصرة الدولية وكذلك نراقب المرأة في شتى أنحاء المنطقة بعد أن اكتسبت الثقة والعزة والقوة في إطار حياتها اليومية كعضو في المجتمع وكقائدة ومعلمة ومبتكرة وصاحبة أعمال وناشطة وأم.
ونظل نفخر بتفرد أسلوب كرامة وإطار عملها في التعامل مع العنف ضد المرأة. وإلى جانب عملها مع منظمات النشطاء، تستمر كرامة في إشراك الرجال والنساء من مختلف القطاعات وسائر أنحاء المنطقة، بمن فيهم أعضاء البرلمانات والخبراء والأكاديميين والمحامين والقائمين على إنفاذ القانوني والأطباء والمستشارين وقادة المجتمع والنساء الناجيات من العنف، وبالأخص، عامة النساء. ومن خلال فتح قنوات الحوار بين مختلف مجموعات البشر، تمكنا من خلق سبل للوساطة المدروسة الشاملة التي تراعي التعقيدات المتأصلة التي تنطوي عليها عملية تغيير السياسات التمييزية والبنى التحتية وأنماط التفكير. يبدأ هذا النوع من الحوار دائماً عند مستوى النشطاء الشعبيين، الذين يعرضون أولويات ومخاوف المرأة العربية على أرض الواقع، ثم يرتقي ليدفع عجلة التنسيق الإستراتيجي على المستوى الإقليمي ويمارس الضغوط الجماعية للوصول إلى الإصلاح في المنتديات الدولية، مما يؤثر
بدوره على عملية رسم السياسات على المستوى القومي.
آليات المناصرة الدولية
نجحت كرامة في زيادة فرص المناصرة الدولية لشركائها وذلك للارتقاء بمعنى الالتزام الكتابي وضمان أن تحقق هذه الاتفاقات الدولية أثراً ملموساً. شارك تسعة وثلاثون شريكاً في الاستعراض الدولي الشامل وجلسات استعراض اتفاقية سيداو في جنيف وجلسة بيجين 15+ للجنة وضع المرأة في نيويورك. أما الوفود المشاركة في الاستعراض الدولي الشامل وجلسات استعراض اتفاقية سيداو التي تدعم تقارير أصحاب المصلحة المقدمة من قبل الشركاء من مصر والعراق فقد حظوا بنتائج بارزة.
ساعد تقرير أصحاب المصلحة في الاستعراض الدولي الشامل للعراق على تصعيد المخاوف ذات الأولوية المتعلقة بالنساء والفتيات وقد تم تبنيه في تقرير الأمم المتحدة المجمع الذي استعانت به الدول الأعضاء للوصول إلى توصياتها لحكومة العراق. وفي استجابة من العراق، أعلن المسؤولون الحكوميون أن العراق ستتخلى عن تحفظاتها حول المادة 9 من اتفاقية سيداو، التي تدعو إلى حق المرأة في نقل جنسيتها إلى أبنائها ويساعد على منع التمييز ضد وانعدام جنسية الأبناء المولودين لآباء أجانب. وقد تابعت كرامة القضية مع الأمانة العامة لسيداو ومجلس حقوق الإنسان لمتابعة تحقيق هذا الوعد.
من نهاية فبراير وحتى أوائل مارس، منحت الجلسة 54 للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة شركاء كرامة وعامليها فرصة بارزة للعمل بشكل أكبر في الآليات الدولية للمساواة بين الجنسين. وكان من شأن الذكرى التاريخية لكل من الأهداف الإنمائية للألفية واتفاقية سيداو ومنهاج عمل بيجين أن دعت إلى التأمل الإستراتيجي والتحليل للمواد الرئيسية والتحديات التي تواجه التطبيق والتقدم في المنطقة وفرص دفع عجلة تنفيذ هذه الاتفاقات الثلاثة الهامة. شاركت اثنتان وثلاثون سيدة من عشر دول بالمنطقة العربية كممثلات، فحُزْن على الموافقة على تقديم البيان الشفهي لاجتماع الشرق الأوسط أمام الدول الأعضاء المجتمعة في جلسة لجنة وضع المرأة، فعرض مناقشات حول المرأة في النزاعات والنساء اللاجئات وذلك أثناء الاجتماع العام رفيع المستوى، كما نظمن اجتماعات مع المستشار الخاص للأمين العام حول قضايا المساواة بين الجنسين وكذلك مع مسؤولي المقررين الخاصين المعنيين بمنع الاتجار والعنف ضد المرأة. وتبادلت الممثلات أيضاً المعلومات الإستراتيجية المتعلقة بالمرأة والقوانين داخل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وذلك في مؤتمر ليوم واحد نظمته كرامة جمع ما يربو على مائة من النشطاء والزعماء والأعضاء ومستشاري الحكومات إلى جانب الصحافة من مختلف أنحاء العالم. وكان من بين المتحدثات سيدات زعيمات من بعض وكالات الأمم المتحدة كاللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) واليونسكو، وكبرى المنظمات غير الحكومية بالبلدان العربية إلى جانب العديد من عضوات البرلمانات. وتضمن المؤتمر عرضاً لتقرير الظل الإقليمي حول بيجين 15+، والذي تم تبنيه في المشاورات الإقليمية حول بيجين 15+ لعام 2009 التي نظمتها رابطة المرأة العربية وكرامة والمكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة في مصر وذلك في القاهرة. خلصت المشاورات إلى تقييمات وتوصيات من زعماء المنظمات غير الحكومية الحالية البالغ عددها 250 منظمة في 12 مجالاً من مجالات الاهتمام.
تنفيذ الحلول المصممة محلياً جنباً إلى جنب مع شركائناً
ساندت كرامة شركاءها في إطلاق كبرى المبادرات وتنفيذ وإتمام نتائجها.
فيما يلي أبرز سمات المشروعات من بعض شركائنا:
• حصلت 80 سيدة من ضحايا العنف على المشورة القانونية والنفسية والدعم من أحد شركاء كرامة، وهو مركز النديم
• محور الإعلام والثقافة لكرامة، بقيادة أكت إيجيبت ومنظمة ‘هي’ على التوالي، استعانا بالأعمال المسرحية والسينمائية لفضح الأنماط المقولبة للعنف ومحاربة الصور السلبية لضحايا العنف من النساء، لا سيما من خلال الاقتباس من فن العرائس التقليدي وإنتاج فيلم درامي وثائقي مشوق. وإلى جانب عرض الفيلم في عدة أماكن، يقوم المحور الإعلامي بنشر نص الفيلم لخلق المزيد من الحوار ومحاربة الأنماط الثقافية المقولبة وإلصاق وصمة العار بالعنف الممارس ضد المرأة.
• شاركت ست وسبعون منظمة غير حكومية مصرية في دراسة لإعداد قاعدة بيانات إحصائية عن برامج تعليم البالغين والخدمات التي تقدمها هذه الهيئات، مع توثيق احتياجاتها ونطاقها. كما شارك سبعة وعشرون مسؤولاً عن برامج محو الأمية وتعليم البالغين في تسع محافظات في ورشة عمل تطلق برنامجاً تدريبياً يتعلق بمهارات الحياة أقامه محور التعليم بكرامة، بالتنسيق مع جمعية المرأة والمجتمع.
• عمل محور القانون، بالتنسيق مع المؤسسة المصرية لتنمية الأسرة، على إشراك 448 رجلاً وامرأة في ندوات لرفع الوعي تركز على الأبعاد القانونية وأثر العنف ضد المرأة في القاهرة والإسكندرية إلى جانب تنظيم اجتماعات لنحو 31 محامياً وكذلك إجراء مسوح لأكثر من 100 حالة من حالات العنف ضد المرأة في القاهرة والإسكندرية من 10 مراكز دعم.
• رأست الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية محور الاقتصاد من خلال إطلاق بحث حول التبعات الاقتصادية للعنف ضد المرأة. وعُقدت اجتماعات ودورات تدريبية لتحديد الباحثين وبناء قدراتهم من أجل جمع البيانات. وستُنشر الدراسة كاملةً مع تحليل لنتائجها في عام 2011 لتكون بمثابة أساساً للتوصيات المتعلقة بالسياسات والتواصل الإعلامي ورفع الوعي.
• تم التشارك في ومناقشة سبل جديدة لحماية المرأة من العنف الأسري المستمر بواسطة أدوات كالملصقات والكتيبات، التي تم إعدادها في إطار حملة ‘كرامتي’ في الأردن. كما تمت ترجمة المواد بطريقة برايل لتمكين النساء الضريرات من الاطلاع عليها، إذ أنهن قد شاركن بتجاربهن الفريدة مع إساءة المعاملة والعنف. أما ورش العمل المناظرة فقد عُقدت لمن يضطلعون بدور مباشر في التعامل مع حالات العنف الأسري، كالنشطاء العاملين في مجال حقوق الإنسان والمحامين والأطباء وضباط الشرطة العاملين في أقسام حماية الأسرة. وتم الإعلان عن التدريب من خلال وسائل الإعلام مثل صحيفة جوردان تايمز وست صحف أخرى.
• قام محور السياسة في الأردن، بقيادة رابطة المرأة العربية، بنشر دراسة ميدانية بارزة عن الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين. وقد أثمرت النتائج عن دحض مزاعم الحكومة التي تدعي أن عدداً كبيراً من هذه الزيجات هي من رجال فلسطينيين، كما كشفت عن عدد هائل من الأطفال عديمي الجنسية في محافظة المفرق. وفي إطار الدراسة، أعربت 65،9% من المجيبات عن اعتقادهن بأن حرمان أبنائهن من الجنسية هو صورة من صور التمييز والعنف ضد المرأة والطفل، داعيات الحكومة الأردنية إلى التخلي عن تحفظها بشأن المادة 9، الفقرة 2 من اتفاقية سيداو.
• اكتسبت نحو مائتي امرأة قدراً أكبر من الوعي بحقوقهن التي منحتها لهن اتفاقية سيداو والتشريعات الوطنية، كقانون العمل والضمان الاجتماعي، وأهمية مشاركة المرأة في برامج التأهيل المهني من خلال الدورات التدريبية و الندوات التي يعقدها محور الاقتصاد. وقد تمت طباعة وتوزيع كتيب عن حقوق المرأة بموجب قانون العمل الأردني.
• قامت دراسة باستطلاع آراء 300 من النساء ضحايا إساءة المعاملة والتمييز في الأردن، وذلك لتحديد حجم العنف الاقتصادي من بين ما يتعين عليهن مواجهته. وأظهرت الإحصاءات أن النساء من ربات المنزل أو غير الحاصلات على تعليم عالٍ تتزايد احتمالات تعرضهن إلى العنف الاقتصادي وإساءة المعاملة: كالحرمان من النفقات الشخصية أو الميراث أو العمل أو الأجور أو نفقة الزوجة المطلقة أو الحق في العمل أو الإجبار على العمل أو سوء الاستغلال لساعات طويلة أو بيئات العمل الرديئة أو الابتزاز. وأجابت ثلث النساء اللاتي سُئلن بأنهن يرغبن في التعويض أو إصلاح المشكلة. وتعكف المؤسسة المنسقة مع محور الاقتصاد في الأردن على رسم الخطط لإنشاء مركز استشاري لمساعدة النساء على اتخاذ إجراء ضد هذه الصور من التمييز في العمل وإساءة المعاملة في المنزل.
الارتقاء بصورة المرأة العربية على الصعيد العالمي
واصلت كرامة التزامها الكامل بإشراك النشطاء والخبراء والزعماء الدوليين من أجل إطلاعهم على منهجنا ورفع أولويات المرأة العربية والحلول المصممة محلياً، إلى جانب الارتقاء بصورة المرأة العربية بوصفها ناشطة وقائدة في حركة المرأة في عام 2010. وتعاونت كرامة مع شركائها في المنتديات الإقليمية والدولية لدعم الجهود من أجل التغيير. كذلك شاركت كرامة وشركاؤها، جنباً إلى جنب غيرها من المنظمات، في مبادرة كلينتون العالمية وTEDWomen والمشاورة الإقليمية لتحالف المحكمة الجنائية الدولية في العالم الماضي، لضمان وجود عربي وأنثوي في المناقشات الدولية رفيعة المستوى.
مشاركة أصحاب المصلحة والمجتمعات الدولية في المنظور الإقليمي
وكذلك سعياً لتحقيق هذا الهدف وللوصول بالأثر المحتمل لجهودنا إلى الحد الأقصى، اتسع النطاق الصحفي والإعلامي لكرامة هذا العام إذ نُشرت ما يزيد على 30 مقالاً عن كرامة وشركائها على الإنترنت وفي الإذاعة والصحف وقوائم البريد الإلكتروني في كل من الشرق والغرب. ومن بين أهم المقالات مقابلة داخل الأستوديو مع حباق عثمان على الجزيرة للتعليق على اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة وإنشاء هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومقال عن تكوين أكبر وفد لكرامة في لجنة وضع المرأة نُشر في وكالة آي بي إس الإخبارية (إيطاليا)، ومقابلات من مؤتمر اليوم الواحد الذي نظمته كرامة وأُذيعت على شاشة التليفزيون المغربي وإذاعة الأمم المتحدة إلى جانب الافتتاحيات التي نُشرت على بيكيا مصر وخدمة كومان جراوند الإخبارية ومواقع الجارديان التي تناقش دور المرأة العربية في الأمم المتحدة والقاضيات في مصر والانتخابات الإقليمية الناجحة في سوماليلاند في صيف 2010.
أطلقت كرامة أيضاً مدونة في عام 2010، كما أعادت تصميم موقع كرامة على الإنترنت لإتاحة قدر أكبر من الوصول من قبل شركائنا والجهات المانحة. وكذلك انضممنا إلى مجتمع تويتر وعملنا على رفع الوعي حول قضايا العنف ضد المرأة في المنطقة العربية ومنهج كرامة مع متابعينا في أنحاء العالم.
يوم كرامة
وانتهى العام بأروع احتفاء سنوي لجهودنا وشركائنا. فقد احتشدت المنظمات ذات الصلة بكرامة وفريق العمل بها من أجل الاحتفال بيوم كرامة في أواخر شهر ديسمبر، لنتشارك فيما تعلمناه من دروس وما اكتسبناه من معلومات وللاحتفال بما حققناه من انتصارات على المدى القصير والبعيد.
حفل تسليم جائزة محفوظة
استغللنا هذه الفرصة أيضاً لإبراز جهود ثلاثة أفراد في إطار الجائزة السنوية التي تقدمها كرامة وصندوق المرأة العربية – جائزة محفوظة السنوية. في كل عام، ترمز هذه الجائزة إلى قدرة الفرد الواحد على تحقيق أثر ملموس، ومن ثم فهي تجِّل الشجاعة والجرأة والقوة اللازمة لتغيير أساليب التفكير القديمة الراسخة. يمثل المكرمون هذا العام الأثر الشخصي للبرامج والمبادرات التي ندعمها ونؤمن بها، كي نثبت أنه من خلال التدريب والمجتمع والتعاون، تحظى المشاركات من النساء بالتمكين ويصبحن إحدى أدوات التغيير ويعملن على استعادة الحرية التي حُرمن منها لأجيال وأجيال.
وهكذا فقد حمل العام المنصرم في طياته الكثير من أجل مستقبل النساء والفتيات، اللاتي بدأن أخيراً يحصلن على الاهتمام والتمويل الذي يستحققنه. ولقد شرعنا بالفعل في مبادرة جديدة لعام 2011، تشمل فريق تفكير بشأن المرأة العربية ومبادرة بحثية تدرس أثر الحروب على المرأة ومؤسسة تدريبية للحكومات وصناع السياسات، والتي نتطلع إلى عرضها عليكم بالتفصيل على مدى الأشهر القادمة.